التقارير والدراسات

قلعة دمشق.. القلعة المرجّلة الوحيدة المخبأة في العالم

تيكنيكال ريفيرينس | خاص:

في دمشق عند الزاوية الشمالية الغربية لسور المدينة القديمة ، يتربع جسد القلعة الذي خنقته الحداثة وأثرت في تفاصيله مختلف أنواع الكوارث الطبيعية والبشرية وأعمال الترميم على مدى عصور متلاحقة ، منتظرا أخذ دوره الحقيقي، كمنشاة استثمارية للنشاطات الثقافية والسياحية، وكشاهد على عهود عمرانية تمتاز بالجمال وروعة البنيان المؤسس بدقة وحرفية.
من أين جاءت التسمية !؟
إن أكثر مايثير الانتباه في قلعة دمشق أنها مبنية في مستوى أرض المدينة، وقد لاحظ القدماء ذلك فوصفوها بالمرجّلة أي الواقفة على رجليها، وهذه نقطة ضعف عوّضها مهندسوا القلعة بإعطائها مميزات بديلة لانجدها في القلاع الأخرى ، تتجلى بضخامة البناء وقوته بشكل عام، وارتفاع الأبراج وسماكة الجدران وضخامة الحجارة وطريقة نحتها ووفرة المرامي والرواشن، إلا أن القلعة بقيت بعيدة عن دائرة الاهتمام رغم وقوعها في قلب المدينة لدورها الذي أدته خلال الستين سنة الماضية كسجن وثكنة عسكرية ، إضافة إلى الأسواق التي أحاطتها وحجبتها عن الأنظار، فكانت القلعة الوحيدة المخبّأة في العالم .
تاريخ القلعة العمراني
السلاجقة هم أول من بنوا القلعة وذلك في العام 1076 ميلادي وقد استخدموا في عمليات البناء الأحجار الكلسية وأبعاد القلعة كانت في حدود 120 م عرضاً و220 م طولاً وعاصرت فترة امتدت مئة وثلاثين عاما شملت عهد الأتابكة جميعا ، وعندما استقر الملك العادل الأيوبي في دمشق رأى أن القلعة لاتلبي الحاجات المطلوبة ولا تتفق مع التطور الحاصل في فن العمارة فبدأ بإحاطة القلعة القديمة بخط دفاعي جديد قبل أن يهدمها ويشيّد قلعة جديدة مكانها عام 1202م مستخدماً بالإضافة إلى الأحجار الكلسية أحجاراً من البازلت الأسود ذات وجه بارز مقطوع بشكل غير منتظم يحيط به إطار صقيل،وشكلت القلعة الجديدة تطورا هاما عن سابقتها سواءَ من حيث القوة أو ضخامة الأبراج ومناعتها وحتى مساحتها التي زادت مئات الأمتار المربعة.
أما في العهود التي تلت الأيوبي فقد تغيرت طريقة النحت فلم تستخدم الحجارة البارزة النحت ونحتت بشكل مختلف، فهي مستوية الوجوه وليس لها إطار مصقول، ولكن بقيت مقاييسها كبيرة حتى أواخر العهد المملوكي حيث صُغّر حجم الحجارة في أعمال التجديد، إلا أن أسوأ العهود التي مرت على تاريخ القلعة كان العهد العثماني حيث قلّت العناية بنحت الأحجار واستخدمت أحجارا غشيمة غير منحوتة في أعمال الترميم، وحُطمّ قسم كبير من المرامي وحُوّل إلى نوافذ واستخدمت القلعة كثكنة عسكرية، بالإضافة إلى الفترة الفرنسية السيئة حيث تحولت القلعة إلى سجن .
عمليات ترميم وتجديد للواجهة الغربية ، وإعادة تشييد للأبراج الثامن والتاسع والغربي الأوسط بشكل كامل ، هذا آخر ما مر من تجديد وبناء على هذه القلعة المرجلة الوحيدة في العالم.

الصورة: من موقع 360